* الجريمة في الفقه الإسلامي لها معنيان:

المعنى الأول العام: 
وهو معصية الله و معصية الرسول صل الله عيه و سلم(1)، و هذا التعريف يشمل ماكان له عقاب في الدنيا و الآخرة، لأن من الجرائم ما هو مستتر في النفس البشرية و يعاقب عليه في الآخرة، كالحقد و الحسد و نحومها(2).
و أورد أبو زهرة نحو هذا بقوله: " الجريمة هي فعل ما نهى الله عنه و عصيان ما أمر الله به "(3).
المعنى الثاني الخاص:
ذكره الماوردي بقوله:" الجرائم محظورات شرعية زجر الله تعالى عنها بحد أو تعزير"(4).
و خير دليل على ذلك ما جاء في القرآن الكريم و في مواطن متعددة نذكر بعضا منها:
قال تعالى:" ثم بعثنا من بعدهم موسى و هارون إلى فرعون و ملئه بآياتنا فاستكبروا و كانوا قوما مجرمين".

* إتيان فعل محرم معاقب على فعله و هو ما يعرف بالجريمة الايجابية، أو ترك فعل معاقب على تركه وهو ما يعرف بالجريمة السلبية(5).
 و قيل " هي محظورات شرعية زجر الله تعالى عنها بحد أو تعزير سواء كان الفعل ظاهرا أم باطنا ".
قال تعالى: " و ذروا ظاهر الإثم و باطنه ".
و هو الذنب الذي يستحق به فاعله التنكيل و العذاب كالقتل و السرقة و القذف(6).

*  أصل كلمة جريمة من جَرَمَ، بمعنى كسب وقطع، و يظهر كما ذكر المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة أن الكلمة استعملت قديما للكسب المكروه الغير مستحسن، فكلمة جَرَمَ يراد بها الحمل على الفعل حملا آثما فقوله تعالى:" ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى..".أي لا يحملنكم حملا آثما بغضكم لقوم على ألا تعدلوا معهم....
و بذلك أصبحت كلمة الجريمة تطلق على ارتكاب كل فعل يخالف الحق و العدل، كما اشتقت من هذه الكلمة كلمة إجرام و أجرموا كما قال تعالى:" إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون"(07).
 وهذه الآية ذكر فيها لفظ الجريمة مباشرة، و هناك آيات ذكر فيها نمط السلوك الإجرامي كالقتل و السرقة و الظلم و التكبر و الجبروت، الى غير ذلك من الأفعال التي فهم المسلمون أنها جرائم من خلال طبيعتها أو من خلال تعنيف الله لمرتكبيها، أو من خلال ما فرض من عقاب إزاءها كقوله تعالى:" من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا...".
فالجريمة في الإسلام هي كل عمل أو قول يخالف الشريعة التي شرعها الله لعباده، سواء بفعل ما نهى الله و رسوله عن فعله، أو الامتناع عن ما أمر الله و رسوله بفعله.



1) د. محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي، علاج القرآن الكريم للجريمة، الطبعة الأولى، مكتبة إبن تيمية، القاهرة، 1992،ص 73.
2) محمد عبد الرؤوف المناوي، التوقيف على مهمات التعاريف، دار الفكر المعاصر، بيروت، الطبعة الأولى، 1410 ھ، ص
.239
3) محمد أبي زهرة، الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي، دار الفكر العربي، القاهرة، دون سنة نشر، ص 25 ؛ عبد القادر عودة،
. التشريع الجنائي الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي، مؤسسة الرسالة، الجزء 1، ط 5، سنة 1388 ، ص 66.
4) أبي الحسن علي الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، دار المكتبة العلمية، الطبعة الأولى، ص 273.
5) عودة. عبد القادر ( 1954م): التشريع الجنائي الإسلامي مقارنة بالقانون الوضعي، 2ج، ط1، بيروت، دار الكتب العلمية، 2005، 01/53.
6) الشنقيطي. محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي ت 1393ه، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، تحقيق: مكتب البحوث و الدراسات، بيروت، دار الفكرللطباعة و النشر، 1415ه، 3/288، 514.
7) إبراهيم عبد الرحمان الطخيس، دراسات في علم الاجتماع الجنائي، دار العلوم للطباعة و النشر، القاهرة، مصر، 1994، ص37-.
 
Top