المشرعون للقوانين
هم الذين يضعون قواعد السلوك، آمرين بالامتناع عن فعل بعض الأشياء، و إتيان بعضها
الآخر، و الأحكام المشرعة من قبل المشرعين ترتبط عادة بأنظمة الدولة المختلفة و
سياستها، غير أنه ليس من الضروري أن تتفق هذه التشريعات مع الاعتبارات الأخلاقية و
الدينية و الاجتماعية للمجتمع، فهي قد تتطابق معها في بعض الأحيان أو تختلف معها
في أحيان أخرى.
فمثلا بعض الدول التي
تطبق القوانين الوضعية لا تُجرِّمْ العلاقة الجنسية بين الرجل و المرأة إذا لم
يكونا متزوجين، بينما تكون هذه العلاقة معارضة لتعاليم الدين و الأخلاق.
و القوانين
الوضعية غالبا ما تقسم الجرائم حسب درجة خطورتها إلى ثلاثة أنواع: الجنايات،
الجنح، و المخالفات.
إن تعريف الجريمة مرتبط
بقانون العقوبات من جهة، و بالمجتمع من جهة أخرى، فهي كل فعل يعاقب عليه المجتمع
ممثلا في مشروعه لما ينطوي عليه هذا الفعل من المساس بشرط يعده المجتمع من الشروط الأساسية
لكيانه أو من الظروف المكملة لهذه الشروط(1).
و عليه: تعرف الجريمة على أنها " فعل أو امتناع
يخالف قاعدة جنائية يقرر لها القانون جزاءا جنائيا "(2).
أو هو كل فعل أو
امتناع عن فعل يجرمه المشرع بمادة قانونية ، ويتوفر على الأركان الثلاثة للجريمة
وهي ( الركن المادي وهو الفعل أو الامتناع فلا يعاقب الشخص على الأفكار، و الركن
الشرعي فلا عقاب إلا بمادة قانونية، والمسؤولية أو الأهلية القانونية فلا يعاقب
الطفل و المجنون و المكره.....)(3).
و يعرف الجانب
الغالب من الفقه الجريمة على أنها " النشاط الذي يقوم به الشخص- ايجابيا كان
أم سلبيا- يقرر القانون له عقوبة من العقوبات المقررة في قانون العقوبات"(4).
و في تعريف آخر
هي"تلك العلل التي تنتهك القانون الجنائي، و يعاقب عليها من قبل السلطة
السياسية في المجتمع"(5).
أو هي كل فعل أو امتناع يقع بالمخالفة لقاعدة
جنائية منصوص عليها، و يتقرر له جزاء جنائي يتمثل في عقوبة جنائية أو تدبير
احترازي.(6).
كما تعرف الجريمة على أنها " ذلك الفعل
الذي يقع مخالفا لقانون العقوبات، أو أنها فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية
يقرر لها القانون عقوبة أو تدبيرا احترازيا، و هناك من يزيد على ذلك ( بأنها سلوك إنساني
معاقب عليه بوصفه خرقا أو تهديدا لقيم المجتمع أو لمصالح أفراده الإنسانية، أو لما
يعتبره المشرع كذلك وسيلته في ذلك النص القانوني "(7).
و الجريمة بهذا المعنى هي سلوك مادي يتخذ
صورتين: الصورة الأولى إما بفعل ايجابي
وتتمثل غالبا ( كمن يطلق النار على الأخر، أو يختلس مالا ملكا لغيره، أو كمن يغتصب
امرأة)، أو يمكن أن تكون الجريمة أيضا بمجرد الامتناع و هي الصورة الثانية، فالأم
التي تحجم عن إرضاع ولدها عمدا بهدف إنهاء حياته ، تعد مرتكبة لجريمة القتل.
و
يذكر" دون جيبونز" أن المجرم من
وجهة النضر القانونية هو الفرد الذي يؤدي سلوكا معينا يخالف المحرمات أو الأوامر
الواردة في القانون الجنائي أي أن المجرم من وجهة النظر القانونية هو الشخص الذي
يخرج عن القانون الجنائي.
وقد قدم" بول تابان " تعريفا قانونيا للجريمة على اعتبار أنها ( فعل
معتمد أو إهمال يخالف القانون الجنائي، و يرتكب بدون تبرير، و تعاقب عليه الدولة
على اعتبار انه جناية واضحة.
01) رمسيس بنهام: الجريمة و المجرم في الواقع الكوني، منشأ
المعارف، الاسكندرية، 1995-1996، ص 28.
02) د.
عبود السراج: علم الإجرام و علم العقاب، الكويت، جامعة الكويت، 1981، ص 34.
03) عبد العزيز عامر، شروح
الأحكام العامة للجريمة في القانون الليبي، ص 13.14.
04) سلوى
عثمان الصديق و آخرون: انحراف الصغار و جرائم الكبار، المتب الجامعي
الحديث، الاسكندرية، مصر، 200، ص23.
05) د. جلال الدين عبد الخالق و السيد رمضان: الدفاع الاجتماعي من
منظور الخدمة الاجتماعية( الجريمة و الانحراف)، الاسكندرية، 1994، ص 12-14.
06) أمين
مصطفى: مبادئ علم الاجرام، دار الجامعة الجديدة للنشر، 1990، ص 41.
07) محمد الهاشمي: موسوعة جرائم النساء العالمية و العربية،
دار أسامة للنشر و التوزيع، الأردن، عمان، 2005، ص 15.