تعددت التعاريف التي قال بها الباحثون في علم الاجرام نظرا لتعدد الزوايا التي ينظر منها الى نطاق ذلك العلم و ما إذا كانت أسباب الجريمة هي العوامل الداخلية أي الفردية البحتة ( العضوية أو النفسية ) وحدها أم كانت عوامل خارجية أي اجتماعية بحتة ( طبيعية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية أو بيئية )، أم كانت تلك العوامل خليطا من العوامل الفردية و الاجتماعية معا.(1).
و لما كانت وجهة النظر الأخيرة هي الراجحة، فعلى ضوؤها يمكن تعريف علم الاجرام بأنه " العلم الذي يدرس الجريمة كظاهرة اجتماعية احتمالية في حياة الفرد و حتمية في حياة المجتمع و يتقصى أسبابها الفردية و الاجتماعية للتوصل الى القضاء عليها أو الحد منها ".
و قد عرفه العالم " لوتي " بقوله: " هو البحث العلمي في ظاهرة الجريمة ".(2).
أما العالم " بيناتل " فقد عرفه في كتابه القانون الجنائي و علم الاجرام قائلا: " نسمي جريمة كل عمل معاقب عليه و نتخذ من هذه الجريمة موضوعا لعلم خاص نسميه علم الاجرام ".(3).
بينما نجد العالم " سيليج " يعرفه قائلا: " علم الاجرام هو بكل بساطة علم الجريمة "(4).
هنا نلاحظ أن أغلب بل جل التعاريف عامة لم تحدد معنى هذا العلم بل اكتفت بتعريفه من خلال الموضوع الذي يدرسه، و هذا يدخلنا في غموض و لبس كبير، كون موضوع الجريمة ليس موضوع خاص بعلم الاجرام لوحده بل تقاسمه فيه العديد من العلوم الأخرى.
و من التعريفات الأقل تجريدا و الأكثر تفصيلا: " أنه العلم الذي يدرس أسباب تكون الظاهرة الاجرامية في المجتمع كما يدرس الأسباب الفعالة في مواجهتها ".(5).
أو " أنه العلم الذي يدرس الانحراف من حيث أسبابه و مظاهره و وسائله و آثاره ".(6).
أو " أنه العلم الذي يدرس الجريمة باعتبارها ظاهرة في حياة الفرد و في حياة الجماعة دراسة علمية تستهدف وصفها وتحليلها وتقصي أسبابها ".(7).
أو " أنه العلم الذي يبحث في الجريمة و عواملها التي تؤدي بإنسان معين الى ارتكابها ".(8).
و في الأخير أنه " ذلك الفرع من العلوم الجنائية الذي يدرس الجاني و مشاكله، و يدرس الموقف الاجرامي بعناصره المختلفة، دراسة واقعية تجريبية محاولا الوصول الى تحليل ظاهرة الجريمة التي تدور حولها أحكام القانون الجنائي ".(9).
و بعد هذا العرض نستنتج أن علم الاجرام هو من أقرب العلوم الى علم الاجتماع الجنائي، نظرا للتداخل الكبير بين العلمين، حيث يصعب التمييز بينهما، إلا أنه يمكن القول بأن الاجرام هو علم يلجأ الى كافة النتائج المتوصل اليها في حقل العلوم و بالخصوص في العلوم الاجتماعية و الانسانية.
و إذا عدنا إلى العالم " سذرلاند " نجده في مؤلفه " مبادئ علم الاجرام "، لا يفرق بين كل من علم الاجتماع الجنائي و علم الاجرام حيث يقول: " يبحث علم الاجرام في الجريمة بوصفها ظاهرة اجتماعية، و يتضمن – في نطاق الغاية منه – إجراءات رد الفعل لهذا الخروج، و هنا الاجراءات تعد مظاهر ثلاثة لنتيجة موحدة التفاعلات، و تعد من الجرائم بعض الأفعال التي لا ترتضيها الجماعة السياسية، و على الرغم من هذا يوجد بين الأفراد من يصر على إتيان السلوك المحرم و يرتكب الجريمة فتقابل تلك الجماعة فعله بالعقاب أو العلاج أو الوقاية، و موضوع علم الاجرام هو نتيجة هذه التفاعلات ".(10).
و هنا يظهر جليا مدى التداخل بين كل من علم الاجتماع الجنائي و علم الاجرام.
و حسب دائما نفس العالم " سذرلاند " يشمل علم الاجرام ثلاثة أقسام رئيسية هي :
أ – علم الاجتماع القانوني: وهو محاولة لتحليل علمي للظروف التي توضع في ظلها التشريعات الجنائية.
ب – تشخيص الأمراض الجنائية: و هو محاولة لتحليل أسباب الجريمة علميا.
ج – علم العقاب: وهو يهتم بضبط الجريمة.
و يظهر من خلال هذا الكلام أن علم الاجرام يرتكز في نظر " سذرلاند " على ثلاثة علوم، الأول خاص بالإطار القانوني للنظر في الجريمة، الثاني يعمل على فهم و اكتشاف الأسباب الموضوعية الدافعة لها، و الثالث هو الخاص بالضبط و الردع و الوقاية، و هنا نلاحظ أن هذا العالم لخص العديد من العلوم في الأقسام الثلاثة التي أشار إليها، ها بالإضافة الى اعتماده على مبدأ الكل متضامن في تناول ظاهرة الجريمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
01 / د. إسحاق إبراهيم منصور: موجز في علم الاجرام و العقاب، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1991، ص 9.
02 / Leauté: criminologie et sciences pénitentiares , ed p.u.f , paris, 1972, p 11
03 / Pinatel: traité de froit pénal et de criminologie, ed dalloz, paris, 1975, p 05.
04 / seelig: traité de criminologie, ed p.u.f, paris, 1956, p 03.
05 / د. جلال ثروت: الظاهرة الاجرامية، دراسة في علم الاجرام و العقاب، مؤسسة الثقافة الجامعية،الاسكندرية،1982،ص21.
06 /stefani( v.g), levasseur(g) et merlin(j), criminilogie et sciences pénitentiaires, ed dalloz, paris, 1982, p 02.
07 / د. عوض محمد عوض: مبادئ علم الاجرام، مؤسسة الثقافة الجامعية، الاسكندرية، 1980، ص 17.
08 / د. حسن صفاوي: الاجرام و العقاب في مصر، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1973، ص 14.
09 / د. يسر أنور و د. أمال عثمان: علم الاجرام و علم العقاب، دار النهضة، القاهرة، 1970، ص 2.
10/ ادوين ه. سذرلاند و دونالد ر.كريسي: مبادئ علم الاجرام، ترجمة اللواء محمد عباس و د.حسن صادق المرصفاوي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1968، ص 5.
و لما كانت وجهة النظر الأخيرة هي الراجحة، فعلى ضوؤها يمكن تعريف علم الاجرام بأنه " العلم الذي يدرس الجريمة كظاهرة اجتماعية احتمالية في حياة الفرد و حتمية في حياة المجتمع و يتقصى أسبابها الفردية و الاجتماعية للتوصل الى القضاء عليها أو الحد منها ".
و قد عرفه العالم " لوتي " بقوله: " هو البحث العلمي في ظاهرة الجريمة ".(2).
أما العالم " بيناتل " فقد عرفه في كتابه القانون الجنائي و علم الاجرام قائلا: " نسمي جريمة كل عمل معاقب عليه و نتخذ من هذه الجريمة موضوعا لعلم خاص نسميه علم الاجرام ".(3).
بينما نجد العالم " سيليج " يعرفه قائلا: " علم الاجرام هو بكل بساطة علم الجريمة "(4).
هنا نلاحظ أن أغلب بل جل التعاريف عامة لم تحدد معنى هذا العلم بل اكتفت بتعريفه من خلال الموضوع الذي يدرسه، و هذا يدخلنا في غموض و لبس كبير، كون موضوع الجريمة ليس موضوع خاص بعلم الاجرام لوحده بل تقاسمه فيه العديد من العلوم الأخرى.
و من التعريفات الأقل تجريدا و الأكثر تفصيلا: " أنه العلم الذي يدرس أسباب تكون الظاهرة الاجرامية في المجتمع كما يدرس الأسباب الفعالة في مواجهتها ".(5).
أو " أنه العلم الذي يدرس الانحراف من حيث أسبابه و مظاهره و وسائله و آثاره ".(6).
أو " أنه العلم الذي يدرس الجريمة باعتبارها ظاهرة في حياة الفرد و في حياة الجماعة دراسة علمية تستهدف وصفها وتحليلها وتقصي أسبابها ".(7).
أو " أنه العلم الذي يبحث في الجريمة و عواملها التي تؤدي بإنسان معين الى ارتكابها ".(8).
و في الأخير أنه " ذلك الفرع من العلوم الجنائية الذي يدرس الجاني و مشاكله، و يدرس الموقف الاجرامي بعناصره المختلفة، دراسة واقعية تجريبية محاولا الوصول الى تحليل ظاهرة الجريمة التي تدور حولها أحكام القانون الجنائي ".(9).
و بعد هذا العرض نستنتج أن علم الاجرام هو من أقرب العلوم الى علم الاجتماع الجنائي، نظرا للتداخل الكبير بين العلمين، حيث يصعب التمييز بينهما، إلا أنه يمكن القول بأن الاجرام هو علم يلجأ الى كافة النتائج المتوصل اليها في حقل العلوم و بالخصوص في العلوم الاجتماعية و الانسانية.
و إذا عدنا إلى العالم " سذرلاند " نجده في مؤلفه " مبادئ علم الاجرام "، لا يفرق بين كل من علم الاجتماع الجنائي و علم الاجرام حيث يقول: " يبحث علم الاجرام في الجريمة بوصفها ظاهرة اجتماعية، و يتضمن – في نطاق الغاية منه – إجراءات رد الفعل لهذا الخروج، و هنا الاجراءات تعد مظاهر ثلاثة لنتيجة موحدة التفاعلات، و تعد من الجرائم بعض الأفعال التي لا ترتضيها الجماعة السياسية، و على الرغم من هذا يوجد بين الأفراد من يصر على إتيان السلوك المحرم و يرتكب الجريمة فتقابل تلك الجماعة فعله بالعقاب أو العلاج أو الوقاية، و موضوع علم الاجرام هو نتيجة هذه التفاعلات ".(10).
و هنا يظهر جليا مدى التداخل بين كل من علم الاجتماع الجنائي و علم الاجرام.
و حسب دائما نفس العالم " سذرلاند " يشمل علم الاجرام ثلاثة أقسام رئيسية هي :
أ – علم الاجتماع القانوني: وهو محاولة لتحليل علمي للظروف التي توضع في ظلها التشريعات الجنائية.
ب – تشخيص الأمراض الجنائية: و هو محاولة لتحليل أسباب الجريمة علميا.
ج – علم العقاب: وهو يهتم بضبط الجريمة.
و يظهر من خلال هذا الكلام أن علم الاجرام يرتكز في نظر " سذرلاند " على ثلاثة علوم، الأول خاص بالإطار القانوني للنظر في الجريمة، الثاني يعمل على فهم و اكتشاف الأسباب الموضوعية الدافعة لها، و الثالث هو الخاص بالضبط و الردع و الوقاية، و هنا نلاحظ أن هذا العالم لخص العديد من العلوم في الأقسام الثلاثة التي أشار إليها، ها بالإضافة الى اعتماده على مبدأ الكل متضامن في تناول ظاهرة الجريمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
01 / د. إسحاق إبراهيم منصور: موجز في علم الاجرام و العقاب، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1991، ص 9.
02 / Leauté: criminologie et sciences pénitentiares , ed p.u.f , paris, 1972, p 11
03 / Pinatel: traité de froit pénal et de criminologie, ed dalloz, paris, 1975, p 05.
04 / seelig: traité de criminologie, ed p.u.f, paris, 1956, p 03.
05 / د. جلال ثروت: الظاهرة الاجرامية، دراسة في علم الاجرام و العقاب، مؤسسة الثقافة الجامعية،الاسكندرية،1982،ص21.
06 /stefani( v.g), levasseur(g) et merlin(j), criminilogie et sciences pénitentiaires, ed dalloz, paris, 1982, p 02.
07 / د. عوض محمد عوض: مبادئ علم الاجرام، مؤسسة الثقافة الجامعية، الاسكندرية، 1980، ص 17.
08 / د. حسن صفاوي: الاجرام و العقاب في مصر، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1973، ص 14.
09 / د. يسر أنور و د. أمال عثمان: علم الاجرام و علم العقاب، دار النهضة، القاهرة، 1970، ص 2.
10/ ادوين ه. سذرلاند و دونالد ر.كريسي: مبادئ علم الاجرام، ترجمة اللواء محمد عباس و د.حسن صادق المرصفاوي، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1968، ص 5.