التفسيرات الطبيعية قد اعتمدت على الأفكار و الاحداث الموضوعية و العلاقات القائمة فيها في العالم الواقعي، و بالتالي لم تعترف بالأرواح الشريرة و الشياطين و الغيبيات لتفسير الانحراف و الجريمة.
و قد حاول الفلاسفة بدورهم تفسير الجريمة مثل" إيبوقراط" و" سقراط "و" أفلاطون "و "أرسطو"، و قد أرجع هؤلاء الجريمة الى فساد المجرم و الى العيوب الخلقية و الجسمية الكامنة فيه، و ظل هذا الاتجاه الفلسفي قائما حتى العصور الوسطى، حيث سادت نظرية مقتضاها أنه يمكن الوقوف على طباع الشخص من فحص خطوط يديه و رجليه و تقاطيب وجهه، بل وصرة بطنه، ثم تلت هذه النظرية أخرى تربط الجريمة بالكواكب و تعلق الإنسان على الكواكب الذي كان متسلطا عليه عند ولادته تبعا لما كان كوكبا طيبا أو كوكبا خبيثا.(1).
و هنا نشير الى دور علم الفراسة و الذي انفرد به العرب، حيث كان له مكانة لا يستهان بها، فقد ألف العلماء العرب و المسلمين العديد من الكتب و الدراسات في هذا الباب، و فيما يخص دور الكواكب و تأثيرها على سلوك الفرد نجد على سبيل المثال جماعة إخوان الصفا التي جعلت من الكواكب العامل الحاسم في تصرفات الافراد، وقد خصصوا لهذا رسالتين كاملتين في رسائلهم الشهيرة وهما الرسالة الثانية والثالثة.
و قد تبلورت الأفكار الفلسفية السابقة على يد العالم الإيطالي " ديلابورتا " الذي نجح في صياغة ما أسماه " بالملامح الخلقية للمجرم " وقد برز هذا العالم في مؤلفه العلاقة بين الجسد و النفس استنادا الى أن هناك ارتباطا بين أجزاء الجسم المختلفة كالعينين و الجبهة، و الأنف و بين الصفات و الطبائع الفردية، بل و كذلك بين الإحساسات الفردية المختلفة.(2).




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
01 / د. رمسيس بهنام، هلم تفسير الاجرام، منشأة المعارف، القاهرة، بدون تاريخ، ص 41.
02 /  د. سليمان عبد المنعم: علم الاجرام و الجزاء، ص 125- 126.
 
Top