مقدمة:

عملية التنشئة الاجتماعية عملية دائمة و متواصلة من أجل اكتساب السلوك الذي يساعد على التفاعل الاجتماعي مع أفراد المجموعة ذات الثقافة الواحدة، و هذا يعني أن التنشئة الاجتماعية احتاج لعلاقات موسعة مع جميع المؤسسات الاجتماعية الفاعلة أي أن النشاط الاجتماعية يتجاوز مؤسسة اجتماعية بحد ذاتها لأنه عمل خطير و يتعلق بمستقبل البناء الاجتماعي و من هذه المقدمات كان من الأعمية الاشارة الى مجموعة الأصدقاء في اطار التنشة الاجتماعية.

المفاهيم المتنوعة لمجموعة الأصدقاء:

هناك اختلاف عند علماء الاجتماع في تحديد مجموعة معينة يمكن أن يطلق عليها مجموعة الاصدقاء فهناك من يسميها جماعة الافراد و عناك من يسميها بجماعة الأقران و هناك من يسميها بجماعة النواحي.
و لكن نحاول اختصار هذا الاختلاف في المفاهيم الثلاثة الآتية:
أ/ هي مجموعة أفراد قد يكونون أطفالا أو شبابا يعوضون بالتقائهم و اجتماعهم العجز الموجود في الوسط الأسري في تكوين شخصياتهم و تحقيق آمالهم و اكتشاف مواهبهم و قدراتهم بحيث تمثل المجموعة بالنسبة اليهم الأسرة و تعطيهم القوة و هي الوسط الاجتماعي الوحيد حسب اعتقادهم القادر على اشباع حاجياتهم و تحقيق الذات و اثبات الوجود، الأمر الذي يزيد من وحدتهم و ارتباطهم و استمرار علاقاتهم .
ب/ هي مجتمع عفوي ينشأ بطريقة تلقائية لا يقوم أحد بتنظيمه و ليس له قواعد و قوانين محددة، و هو مجتمع نابع من حاجة نفسية و اجتماعية حقيقية، يتميز بكونه مجتمع يأسر و يسيطر على قلوب أفراده و يستوعب بصورة سريعة ميولاتهم و قناعاتهم الخاصة، كما أنه مجتمع سهل في استعاب أفراد منخرطين فيه، و هو ى يتميز عادة بالتفكير المنطقي و ليس فيه الزام أو مسؤولية و هذا المفهوم يلغي أي شكل رسمي أو أي خضوع لأي قانون أو سلطة اجتماعية غير أن الواقع يدل على عكس هذا في بعض الأحيان فهذا المفهوم صالح لمجموعة الرفاق المنحرفين و لا يمكن أن يعنن على الآخرين.
ج/ هي البيئة الاجتماعية المتقاربة في العمر وأنماط الفكر و السلوكات و الأهداف التي تعطي لأفرادها المعلومات و الخبرات و آليات التعامل الاجتماعي، فهي نقوم بمهمة التنشة الاجتماعية وفقا للقيم و المعايير التي تؤمن بها و التي لا يشترط فيها أن تكون متناغمة أو متوافقة مع القيم و المعايير الاجتماعية السائدة.

الوظائف المثالية لجماعة الرفاق:

* تكوين شخصية الانسان و منحه أنماط الشخصية الاجتماعية و الشعور بالجماعة.
* تكوين معايير اجتماعية و الاعتقاد بأنها هي المعايير الحقيقية و تكوين حساسية من المعايير الاجتماعية الأخرى.
* المساعدة على انشاء الاجتماعي من خلال تكوين النمو الانفعالي و العلاقات العاطفية.
* تهيئة الظروف النفسية و الاجتماعية لتمكين الأفراد من آداء أدوارهم الاجتماعية المهمة مثل القيادة.
* تكوين الولاء الاجتماعي و تحفيز الأفراد على المنافسة مع المجموعات الأخرى.
* بناء اتجاهات نفسية حول موضوعات البيئات الاجتماعية المحبطة مثل المخالطة، المعاملة، الحقوق.
* تحقيق الاستقلال الذاتي و الاعتماد على الذات، أي تحقيق السمات الشخصية الايجابية.
* المساعدة على القيام بالادوار و السلوكات الاجتماعية.
* اعادة تقويم السلوك الخاطئ و المنحرف من خلال الثقة و الحوار والنقاش الحر.
* اشباع حاجات الفرد النفسية كالحب و الشعور بالاحترام و الشعور بالفهم.
* تعويض العجز في الادوار التي تقوم بها المؤسسات الاجتماعية الأخرى.

أنواع الأفراد داخل مجموعة الأصدقاء:

01)     الأفراد الشعبيون:

و هم الأفراد الذين يتلقون تأييدا ايجابيا من زملائهم و يحضون بالمكانة الاجتماعية المقبولة.

02)   الأفراد المنبوذون:

و هم الأفراد الذين يتلقون رفضا اجتماعيا من زملائهم و يكونون دوما سمعة سيئة و سلبية وهم بصفة عامة يحضون بتأييد نادر من أقرانهم في المجموعة.

03)    الأفراد المجادلون:

و هم الأفراد الذين يتراوحون بين الرفوض والقبول وهم يتقلبون بين النمو جنب السابقين لتقلب نفسياتهم و التزامهم بالجماعة.

04)    الأفراد المهملون:

و هم الأفراد الذين يكونون عادة غير معروفين بشكل واضح و عميق داخل المجموعة، بحيث يتلقون القليل من الاهتمام و الرعاية و أيضا القليل من الاهمال و يكونون في الغالب على الخطوط الهامشية لعملية التفاعل داخل المجموعة و يكونون أيضا عادة مسايريين لتوجهات الجماعة حتى لو لم يشاركو في انشاءها.

05)  الأفراد المعتدلون:

و هم الأفراد الذين يتوسطون المجموعة و يميلون للتوفيق بين أفراد الجماعة و بذلك يتلقون رفضا خفيفا و متقطعا و يتلقون قبولا واسعا أي مقبولون عند البعض و مرفوضون عند البعض الآخر.

مجموعة الأصدقاء و صناعة السلوك الانحرافي

مقدمة:

مجموعة الأصدقاء هي الميدان الخصب لصناعة نماذج سلوكية متنوعة و غير مألوفة بالنسبة للأفراد أو بالنسبة للبناء الاجتماعي مما يجعل مجموعة الأصدقاء مؤسسة تقوم في الكثيير من الأحيان بإنتاج السلوك المنحرف المخالف لماهو غالب في الحياة الاجتماعية، ويمكن أن نحدد هذه السلوكات الانحرافية في المستويات التالية:

01)   المسايرة:

و معناه تعديل المجموعة لسلوكات الأفراد بطريقة الزامية وفقا لما يخدم نموذجها المعياري و الأخلاقي و علبه فإن من أهم وسائل البقاء في مجموعة الأصدقاء هو الإذعان الشخصي لنظامها و سلوكها المهيمن و حتى وإن كان مخالف للنظام أو السلوك الاجتماعي العام، لذلك تكون المسايرة عملية واضحة لإلغاء العقل و الإرادة و تحويل الشخصية الى آلة انفعالية مما يسهل انتشار احتمالات الانحراف.
و من أشكال المسايرة الإنقياد الكلي لما تطلبه المجموعة المنحرفة مثل: تعلم التدخين و تعاطي المخدرات، ممارسة الفوضى و السهر المتأخر، كما أن هذه المسايرة عادة ما يمارسها شخص على حساب التوجيهات الأسرية و المدرسية.

02) الإستجابة و الإنكفاء:

و هو أحد أهم معالم الاستجابة الشخصية للقيم السائدة في مجموعة الأصدقاء فقد تقوم المجموعة بإلهاء أفرادها بكثير من الأشغال و الوظائف و الأدوار و الممارسات أو الكثير من استهلاك الوقت في الاحتكاك بعناصرها و التواصل الدائم فيما بين عناصرها مما يجعل هذا الشخص منسحبا من الأدوار و الواجبات الاجتماعية الأخرى العائلية و المدرسية و الدينية و المهنية.
و هذا يشير من جانب آخر الى ان هذا الشخص سيصبح بعيدا عن الرقابة الاجتماعية المطلوبة لتحقيق الضبط الاجتماعي العام الأمر الذي يسهل الانحراف و الخروج عن القيم الاجتماعية، كما أن مجموعة الاصدقاء تقوم في بعض الأحيان عن وعي أو غير وعي بعزل افرادها اجتماعيا و تجعلهم منكفيين على انفسهم أو على بعضهم البعض الأمر الذي يؤدي الى المواجهة و الاصطدام مع المجتمع أو الهروب منه و ايجاد صعوبة حقيقية في تفهمه و الاتصال مع كل عناصره.

03)   الصراع:

لاشك أن العلاقات الاجتماعية السائدة في مجموعة الرفاق تقلق المجموعة بالكثير من مؤشرات الصراع على وجهين أساسيين هما:

* الصراع داخل المجموعة وبين أفرادها:

و قد يكون معنويا و قد يكون ظاهريا من أجل الحصول على السلطة و النفوذ و السيطرة و اشباع المصالح فمثلما يلجأ أفراد المجموعة الى التعاون على أداء بعض الأدوار فإنهم يلجأون في بعض الأحيان الى الصراع خاصة فيما يتعلق بأدوار القيادة التي تأدي بالبعض الى تعلم الأساليب الغير مشروعة من أجل الوصول اليها كالغش و العنف و الزور و المآمرات، كما يساهم الصراع في تكوين الشخصية الانفرادية المتمردة و المتحفظة من الآخر و الشخصية الدكتاتورية المتعصبة و المتصلبة الغير اجتماعية.

* الصراع على المجتمع:

تتمثل في الخروج عن عملية الضبط الاجتماعي و عدم الخضوع الى هيمنة المؤسسات الاجتماعية.

04)       العدوانية:

من أهم مميزات مجموعة الأصدقاء التوترات الدائمة بين أفرادهما من جهة و بينها و بين المجتمع من جهة أخرى، لذلك تتجلى هذه التوترات في الممارسة العنيفة بداخلها أو مع المجموعة و المؤسسات الرسمية و غير الرسمية، فمن زاوية الرفض الاجتماعي من المجموعة من أحد أفرادها يتوجه هذا الفرد المنبوذ لارتكاب اعتداءات على من يمارسون في حقه هذا النبذ كالاعتداء الجسماني أو السب و الشتم أو الاعتداء على أغراضهم و ممتلكاتهم و حتى على أفراد عائلاتهم و كل هذا يتم تحت سيطرة الرغبة في الانتقام و اشباع الحاجات في رد الاعتبار للذات المجروحة و التنفيس عن الرغبات المكبوتة، وأما من ناحية الرفض الاجتماعي لكل مجموعة الأصدقاء التي يصنفها المجتمع ضمن دائرة الانحراف فيحاربها أو يعاقبها فإن مجموعة الرفاق في هذه الحالة تقوم ببمارسة العداونية على المجتمع من خلال سلوكات انحرافية تهدد السلامة والاستقرار الاجتماعي مثل: السرقة و الاعتداءعلى الأفراد و الممتلكات، المتاجرة بالمخدرات و المسكرات، التحرشات الجنسية و الرسوب المدرسي، الهجرة الغير شرعية و العصيان، الخروج عن القانون و الفوضى، ممارسة الفعل الارهابي و غيرها....

  
 
Top