ظهرت الجريمة منذ ظهور الانسان على الأرض، و كان قتل قابيل لأخيه هابيل أول جريمة عرفتها البشرية، و من هنا كانت الحاجة للتفسير، و حين استشعر الأفراد بحاجتهم الى التعاون فيما بينهم و الانضواء تحت شكل من أشكال التنظيم الاجتماعي، صار لزاما عليهم كبح جماح رغباتهم، و الحد من بعض نزغاتهم الأنانية التي تلحق ضررا بالتنظيم الاجتماعي الذي ينتسبون إليه.(1).
و هكذا عرفت سلطة التنظيم الاجتماعي في مرحلتها البدائية فكرة تحريم بعض الأفعال الضارة بالجماعة، و ظهرت في الجماعات البدائية القديمة فكرة التوتمية، و يعني ذلك أن كل عشيرة تلتف حول رمز – اعتبرته إلها – غالبا ما يكون حيوانا أو نباتا هو التوتم، تعتقد العشيرة أنها تنحدر من سلالته، و يتضمن هذا النظام أداء أفعال معينة وتحريم أفعال و أشياء أخرى يحرم المساس بها و هي " التابو "، و يتخلل هذا التابو كافة نواحي الحياة في المجتمعات.(2).
و في هذه المرحلة لم تكن قد ظهرت بعد فكرة البحث عن تفسير للجريمة، و كانت الجرائم المعروفة آنذاك هي القتل والجرح و الضرب، كما عرفت الجرائم التي تمس حرمة المعتقدات الدينية كالسحر و نبذ الآلهة أو الخروج على التعاليم الدينية بوجه عام.(3).
و في مرحلة أولى كان العقاب على هذه الأفعال من شؤون الأفراد أنفسهم و ينحصر في الثأر أو الانتقام الخاص الذي كان باستخدام القوة المادية بغير قيد ضد المعتدي، ثم انتقل العقاب الى رب الأسرة ثم الى شيخ القبيلة أو العشيرة.




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
01 / د. سليمان عبد المنعم:علم الاجرام و الجزاء، ص 123.
02 / د أحمد خليفة: مقدمة في دراسة السلوك الاجرامي، دار المعارف، القاهرة، 1962، ص 11.
03 / د. سليمان عبد المنعم: علم الاجرام و الجزاء، ص 124.
 
Top