تؤكد البيانات
الإحصائية التي جمعت من الميدان أن العوامل النفسية تلعب دورا رئيسيا في حدوث و
تكرار الجرائم، غير أن هذه الدوافع النفسية للجريمة تقع داخل الفرد و لا يمكن
مشاهدتها و التحسس بها كما هو الحال بالنسبة الى العوامل الاقتصادية و الاجتماعية
و يمكن أن نذكر أهمها في مايلي:
* الشخصية العدائية:
قد يتمتع الفرد
بشخصية عدائية غير متزنة و التي تقوده الى إلحاق الضرر و الأذى بالآخرين عن طريق
سيطرته الغير مشروعة على ممتلكاتهم و أموالهم باتباعه أساليب الغش والخداع و
التحايل و أساليب القهر والقوة و العنف مثال: المرأة التي تسرق في الأعراس.
إن الشخصية
العدائية بسبب دوافعها و عناصرها المتناقضة و اللاعقلانية لا يمكن أن تعيش و تنمو
مع الآخرين دون إلحاق الضرر و الكوارث و ذلك للتنفيس عن شدة اعتدام الصراعات و
التناقضات في داخلها.
و هكذا عندما لا
يستطيع الفرد التكيف مع المجتمع بسبب شخصيته المظطربة و الغير متزنة فإنه لا
يستطيع أداء أدواره الإجتماعية الوظيفية و تكوين علاقات إجتماعية مع الآخرين مما
يؤدي به الى القيام بالأعمال الإجرامية المتنافية مع القانون.
* الإحباط و الإنتقام:
يظهر عند الفرد في
مشاريعه الخاصة مما يقوده الى العدوان و الإنتقام من المجتمع لأنه يعتبر المجتمع
بأسره مسؤول عن فشله و إخفاقه و لهذا تراه ينتقم من المجتمع بالأساليب التي يراها
مناسبة.
و لقد بينت البحوث
والدراسات أن الإحباط و الفشل لا يتعلق بجانب واحد من جوانب الحياة بل يتعلق
بجوانب كثيرة في حياة الفرد كالجوانب الإقتصادية و الإجتماعية، الثقافية و
القيمية، الجنسية، السياسية و الدينية التي غالبا ما تؤثر في نفسيته فيحمل المجتمع
و كافة مؤسساته و أجهزته مسؤولية فشله.
إن العدوان و
الإنتقام الذان يعتمدهما الفرد الفاشل يأخذان عدة صور و أساليب أهمها: السرقة بسبب
الإنتقام من المجتمع الذي يعتبره المسؤول عن إخفاقه و تحطيم أماله و طموحاته، الى
جانب العديد من الجرائم الأخرى التي يرتكبها الفرد مثل: الشجار مع الآخرين، القتل،
التزوير و الغش و الإحتيال.
* الأمراض النفسية و العصبية و العقلية:
لقد بينت العديد
من الدراسات أن الأمراض النفسية و العقلية قد تكون عوامل مباشرة أو غير مباشرة في
دفع الأشخاص المصابين بها الى ارتكاب مختلف الجرائم، فالشخص المصاب بمرض إنفصام
الشخصية أو هلوس يشعر بأن أبناء المجتمع كله و الأشخاص المقربين له من أفراد
عائلته هم أعداء له و متآمرين عليه و يريدون إلحاق الضرر به لذلك يقوم هذا الشخص
المريض برسم الخطط لتصفيتهم و الغدر بهم، و من الأعمال التي يقوم بها سرقة أموالهم
و التهجم عليهم و ايثارت التهمات و الأباطيل ضدهم و قد تبين من البحوث و الدراسات
أن المجرمين المودعين في مؤسسات الإصلاح و المصابين بالأمراض النفسية و العقلية
يعانون من ظروف بيئية و معاشية سلبية و هذه الظروف كانت السبب المباشر في إصابة
العديد منهم بالأمراض و إصابته هذه هي التي قادته الى الإنزلاق في مواقف الجريمة.